المؤذن الأول للمسجد الحسينى وأشهر من قرأ سورة الكهف: انحبس صوته فى القاهرة لأسابيع طويلة.
وعلى جبل عرفات انطلق صوته يؤذن لصلاة العصر الشيخ الجليل طه الفشنى طوال سبعين عاما مقرئا للقرآن الكريم ورائدا للإنشاد الدينى، وصاحب مدرسة فى تجويد القرآن.
فكان أول من أدخل النغم على التجويد مع المحافظة على الأحكام وقد اشتهر الشيخ طه الفشنى بقراءته لسورة الكهف.
وكان المؤذن الأول للمسجد الحسينى، ولا تزال تسجيلاته شاهدة على نبوغه وعلمه بأصول التلاوة ويرتبط الإنشاد الدينى فى مصر والعالم الإسلامى بحلول شهر رمضان المعظم.
ومع توالى السنين عرف المسلمون فى شتى بقاع الأرض عددا من مشاهير القراء، الذين ذاع صيتهم ولمع نجمهم فى مجال تجويد القرآن والإنشاد الدينى والتواشيح وعلى رأسهم الشيخ طه الفشنى.
مولده ونشأته:
ولد الشيخ طه الفشنى بمدينة الفشن إحدى مدن محافظة بنى سويف عام 1900م فى أسرة متدينة، والتحق بكتاب القرية وبه حفظ القرآن الكريم وتميز بين أقرانه بالصوت الجميل فى التلاوة.
ثم التحق بمدرسة المعلمين بالمنيا، وحصل فيها على دبلوم المعلمين.
ثم رحل إلى القاهرة قاصدا الالتحاق بمدرسة دار العلوم العليا، ولكن الأحداث السياسية التى كانت تمر بها مصر واندلاع ثورة 1919 حالتا دون التحاقه بدار العلوم، فتوجه إلى الأزهر الشريف، وما لبث أن أصبح مشهورا بقدرته على أداء التواشيح الدينية فى مختلف المناسبات.
وقد بدأ الشيخ طه الفشنى حياته العملية مطربا وكان فى وسعه أن يستمر فى الغناء لولا النزعة والتربية الدينية التى اكتسبها من دراسته فى الأزهر.
وكان لسكنه فى حى الحسين أثر كبير فى تردده على حلقات الإنشاد الدينى، إلى أن نبغ وأصبح المؤذن الأول لمسجد الإمام الحسين كما كان يرتل القرآن الكريم فى مسجد السيدة سكينة، واشتهر بقراءته لسورة الكهف يوم الجمعة وكذا إجادته تلاوة وتجويد قصار السور.
موعد بالصدفة:
وفى عام 1937م كان الشيخ طه الفشنى يحى إحدى الليالى الرمضانية بالإمام الحسين، واستمع إليه بالصدفة سعيد لطفى مدير الإذاعة المصرية فى ذلك الوقتز
فعرض عليه أن يلتحق بالعمل فى الإذاعة، واجتاز كافة الاختبارات بنجاح، وأصبح مقرئا للإذاعة ومنشدا للتواشيح الدينية على مدى ثلث قرن.
وكان عشاق الشيخ الفشنى يسهرون حتى الفجر وليستمعوا إليه وهو يؤدى الابتهالات والأذان فى المسجد الحسينى.
وكانوا يحرصون أيضا على سماعه وهو ينشد التواشيح فى الليلة اليتيمة بمولد السيدة زينب خلفا للشيخ على محمود.
واستطاع الشيخ طه الفشنى أن يحفر اسمه بين أعلام فن التواشيح، الذى ضم الكثيرين.
وكان أبرزهم الشيخ على محمود وطه الفشنى ومحمود صبح والشيخ زكريا أحمد والشيخ إسماعيل سكر والشيخ نصر الدين طوبار والشيخ سيد النقشبندى.
ويحسب للشيخ الفشنى جهوده الرائدة للحفاظ على فن التواشيح، وسائر فنون الإنشاد الدينى من خلال تدريب المواهب الصاعدة من بطانة المنشدين.
مقرئ التلفزيون:
وكان الشيخ طه الفشنى يرتل القرآن الكريم بقصرى عابدين ورأس التين بصحبة الصوت المعجزة الشيخ مصطفى إسماعيل لمدة تسع سنوات كاملة.
وعندما بدأ التلفزيون إرساله فى مصر كان الفشنى من أوائل قراء القرآن الكريم الذين افتتحوا إرساله وعملوا به.
وفى التليفزيون لأول مرة يوم 26 أكتوبر 1963 وهو يتلو بعض الآيات من سورة مريم وحتى وفاته. وكان الشيخ طه الفشنى تقيا ورعا محبا للخير.
ولا ينسى الذين عاصروه قصة انحباس صوته التى شغلت محبيه عدة أسابيع وتروى خيرية البكرى فى أخبار اليوم تلك القصة.
فتقول: لقد شاهدت إحدى الكرامات فقد كنت ذاهبة لرحلة الحج وكنا نستقل الباخرة واستلفت نظرنا وجود شيخ جليل بيننا، تعلو وجهه علامات الأسى والحزن وهو يجلس على الباخرة صامتا، ويحيط به جمع من أقاربه، وهو سارح يتعبد فى صمت.
ولما سألنا عنه قيل لنا أنه الشيخ طه الفشنى أشهر قراء القرآن الكريم، وأنه فقد صوته فجأة منذ عدة أسابيع ولم يفلح الأطباء فى علاجه وافترقنا إلى أن جمعتنا البقعة المقدسة يوم عرفة.
وكنا نستعد لصلاة العصر وفجأة شق الفضاء صوت جميل يؤذن للصلاة صوت ليس غريبا علينا وكان هذا الصوت هو صوت الحاج طه الفشنى وقد استرد صوته بفضل الله وبكيت تأثرا وفرحا.
سفير الإسلام:
وعلى مدى عمره الذى يجاوز السبعين بعام واحد، كان الشيخ طه الفشنى خير سفير لمصر فى البلدان الإسلامية التى زارها لإحياء الليالى بها، ومنحه رؤساء هذه الدول أوسمه وشهادات تقدير كثيرة.
كما تولى منصب رئيس رابطة قراء القرآن الكريم بعد وفاة الشيخ عبدالفتاح الشعشاعى.
وفاتـــــه:
وبعد حياة حافلة مع القرآن الكريم والمديح النبوى والإنشاد الدينى وفى العاشر من ديسمبر عام 1971م.
رحل الشيخ طه الفشنى تاركا خلفه كنوزا من التسجيلات القرآنية والتراتيل والإنشاد الدينى فى الإذاعة والتلفزيون.
وقد كرمته الدولة عام 1981م فمنحت اسمه وسام الجمهورية فى مجال تكريم حملة القرآن الكريم.
المصدر: موقع صوت القرآن الكريم